نعم، في العام التاسع من الهجرة أعلن النبي محمد صلى الله عليه وسلم عزمه على أداء فريضة الحج. ومع ذلك، لم يؤدِ الحج في ذلك العام، بل أوفد الصحابي الجليل أبا بكر الصديق رضي الله عنه ليكون أميرًا للحجاج، وذلك لأسباب متعلقة بتنظيم شؤون الحج وتطهيره من بعض الممارسات الجاهلية التي كانت لا تزال قائمة.
حجّة الوداع:
في العام العاشر من الهجرة، أعلن النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عزمه على أداء فريضة الحج بنفسه، وهذا ما يُعرف بـ حجة الوداع، حيث خرج النبي مع جمع غفير من المسلمين نحو مكة لأداء الحج. خلال هذه الحجة، ألقى النبي خطبته الشهيرة التي تُعرف بـ خطبة الوداع، والتي تضمنت أهم تعاليم الإسلام والمبادئ الأخلاقية، مؤكدًا فيها على العدالة والمساواة بين المسلمين وحقوق الإنسان.
أحداث حجة الوداع:
- إعلان أكمال الدين: نزل قوله تعالى في هذه الحجة: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا” (المائدة: 3)، مما يشير إلى أن الرسالة الإسلامية قد اكتملت.
- خطبته في عرفات: النبي صلى الله عليه وسلم ألقى خطبة عظيمة في يوم عرفة، أكد فيها على حرمة الدماء والأموال والأعراض، وعلى المساواة بين الناس، وحقوق النساء.
أهمية حجة الوداع:
- تثبيت أركان الإسلام: النبي صلى الله عليه وسلم أوضح في خطبته المبادئ الأساسية للإسلام وأعاد التأكيد على تعاليمه.
- توديع الأمة: كان ذلك الحج بمثابة توديع للنبي صلى الله عليه وسلم لأمته، حيث توفي بعد هذه الحجة بفترة قصيرة.
- تنظيم شؤون الحج: من خلال هذه الحجة، تم التأكيد على الشكل الصحيح لأداء مناسك الحج وفقًا للتعاليم الإسلامية الخالصة بعيدًا عن أي ممارسات جاهلية.
حجة الوداع كانت من أعظم الأحداث في تاريخ الإسلام، وشهدت آخر لقاء مباشر بين النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين في موقف جامع وعظيم.